🌈تعريف علم الآثار
أغلب الشعوب القديمة ماتت ودفنت حضاراتها، تاركة لنا بقايا عظيمة ومدهشة تخبرنا الكثير، والعديد منها غير مكتشف حتى الآن، وبعضها لم يجد العلماء تفسيرا لنشأته، استطاع علم الآثار أن يجيبنا عن عدد كبير من هذه التساؤلات، وأن يغنينا بالمعلومات القيمة والموثوقة. فالروايات التاريخية مشكوك في صحتها.
لذا علم الآثار هو السبيل لتأكيد تلك الوقائع. مع البحث عن حضارات لم تدون في كتب التاريخ. وسبقت عصر التدوين بآلاف أو ملايين القرون. وعلى سبيل المثال الإنسان البدائي والديناصورات والحيوانات المنقرضة. والتغيرات التي عرفتها الأرض.
🌟مفهوم علم الآثار
علم الآثار هو العلم الذي يهتم بدراسة النشاط البشري، والعلوم التي خلفها القدماء، يختص بدراسة و تحليل بقايا القدماء المادية، من أدوات وأسلحة ومباني وتماثيل وقطع فنية وعظام وكنوز... و كل ما خلفته الحضارات الماضية، والتي تدل على حياة الشعوب القديمة.
للإستفادة مما وصلوا إليه، ومقارنة أسلوب حياتهم مع أسلوب الحياة الحالي. كان يطلق عليه "علم العاديات". وذلك نسبة إلى قوم عاد.
يعد علم الآثار فرعا من فروع الأنثروبولوجيا Anthropology، و هو العلم الذي يعنى بدراسة البشر وتصرفاتهم، وطريقة تكوينهم وثقافاتهم المجتمعية، واللغوية في الماضي والحاضر.
لعلم الآثار تخصصات فرعية متعددة، مثل علم الآثار البحرية، وعلم الآثار النسوية، و علم العظام...
وتجدر الإشارة إلى أن علم الآثار يختلف عن علم التاريخ، لأن الأخير يختص بدراسة مسيرة الشعوب، اعتمادا على السجلات المكتوبة.
🌟أهمية علم الآثار
لعلم الآثار فوائد كثيرة، نذكر بعضا منها:
1. هو الطريقة الوحيدة لفهم مجتمعات ما قبل التاريخ، لأن القدماء لم تكن لديهم وسيلة للكتابة، بل كانوا ينقشون على الصخور والجدران، ليسجلوا علمهم والأحداث التي شهدوها.
2. التعرف على التطورات الهامة في تاريخ البشرية، و التي كانت خلال عصور ما قبل التاريخ، فهذا العلم هو وسيلة للعودة بالزمن إلى الوراء، لإكتشاف الماضي والتقدم نحو الأمام.
3. تسليط الضوء على التطورات التكنولوجية للبشرية، وذلك قبل استخدام النار، وتطوير الأدوات الحجرية، واكتشاف المعادن، وبدايات انتشار الدين، وطرق فهمه، وابتداع الزراعة.
4. يساعد في رسم صور عن المعالم الحياتية للحضارات القديمة.
5. يكون نظرة شاملة لفهم الثقافات، من خلال المواد التي تبقى محفوظة على مر الزمن.
🌟المشكلات التي تواجه علم الآثار
كغيره من العلوم، يعاني علم الآثار من عدة مشكلات، تعترض طريق نجاحه ومواصلة تطوره، ومنها:
1. نهب القطع الأثرية: عندما يكون لديك شيء ثمين، فلا بد من محاولة سرقته من قبل أحد ما. فكيف إذا كان هذا الشيء هو كنز قديم، خبأه أسلافنا، ويساوي مبالغ طائلة من المال؟ لذلك لا بد لنا من الحفاظ على سلامة الكنوز الأثرية المتنوعة. و ضمان وجودها في أيد أمينة.
2. التعامل مع الآثار المزيفة: كثير من المراوغين، يحاولون بيع قطع لا قيمة لها، مدعين أنها آثار أصلية ، أو يقومون بذلك قصد الشهرة فقط.
3. قلة الاهتمام: يعاني هذا العلم حاليا من اللامبالاة من قبل الناس بشكل عام. ليس هذا فقط، بل بعضهم يعارضون علماء الآثار، وما يقومون به في محاولة اكتشاف ما هو مخبأ، مما يتطلب منا العمل المستمر، لحث الناس على إعطاء هذا العلم الأهمية التي يستحقها.
🌟الوسائل المستعملة في التنقيب عن الآثار
هناك عدة وسائل يستخدمها العلماء في البحث عن الآثار، من خلال "علم التنقيب" ، نذكر بعضا من تلك الوسائل:
1. أولى الوسائل وأبسطها هي العين المجردة.
2. اكتشاف الآثار عن طريق المصادفة.
3. التصوير الجوي ، والأقمار الصناعية التي تستخدم الأشعة تحت الحمراء، لإكتشاف ما هو موجود عميقا أسفل الأرض .
4. تقنية المسح بالسونار : لاكتشاف الآثار الموجودة تحت المياه في البحار و المحيطات. و هي الوسيلة التي استعملت في الكشف عن سفينة التايتنك.
5. الروايات التاريخية المحفورة على الجدران ، والتي حاول الإنسان القديم أن يخبرنا بها، عن معرفة أماكن الكنوز و البقايا المادية.
6. التحليل الكيميائي للتربة، يعد وسيلة هامة جدا.
7. هناك أجهزة حديثة مثل جهاز total sation، وجهاز auto-level و جهاز GPR.
8. قوة المجال المغناطيسي المستخدمة، تكشف لنا عن المعادن المدفونة في باطن الأرض، والتي ربما تقودنا إلى نتيجة ما.
9. الأشعة السينية وجهاز الرنين المغناطيسي، له استخدامات أخرى بعيدا عن الطب ، حيث يستخدم جهاز الرنين، في اختبار المعاوقة السمعية، لتحري الصدى الناجم عن المواد المختلفة.
🌟رواد علم الآثار و أهم إنجازاتهم
1. لا بد من ذكر العالم Howard Carter، ليكون على رأس القائمة. فهو من أشهر العلماء وأغناهم في التاريخ ، لكونه صاحب الإنجاز الرائع، باكتشافه المعبد الكبير للملك "توت عنخ آمون Tutankhamun" عام 1922.
يوجد بداخل هذا المعبد، قبر الملك الحاوي على المومياء الخاصة به، والمؤلف من طبقتين من الذهب تزن 10.23 كيلوغراما، بالإضافة إلى مجوهرات وتماثيل وأسلحة وأقمشة وجدت بداخله، و لقد كان لهذا الاكتشاف أهمية خاصة، فقد كانت أول مومياء يتم اكتشافها آنذاك.
2. الرحالة الألماني (زيتسن). اكتشف مدينة جرش الرومانية في الأردن.
3. العالم الألماني (بيركهارت). اكتشف مدينة البتراء في الأردن.
4. أول منقب أثري في فلسطين كان (دي سولسي).
5. العالم ( جان فرانسوا شمبوليون) درس اللغة المصرية القديمة "الهيروغليفية". اعتمادا على رموز حجر رشيد.
6. كان العالم الأجنبي (أوجست مارييت). أول من لقب ب (باشا)، دلالة على تميزه ، و ذلك لاكتشافه السرابيوم(مدفن العجول). ومعبد الدير البحري، ومعبد الكرنك، وهابو بالأقصر، وتمثال خفرع في الجيزة ، بالإضافة إلى تمثالي الكاتب الجالس، و شيخ البلد في سقارة.
7. في عام 1985، قام عالم المحيطات الأمريكي الشهير "روبرت بولارد" ، بتحديد مكان حطام سفينة التايتنيك. والتي غرقت عام 1912. في عرض المحيط الأطلسي. ومن خلال تحليلاته، توصل إلى أن السفينة تعرضت للانفصال إلى نصفين قبل غرقها.
🌟أشهر المواقع الأثرية حول العالم
تم التنقيب عن الكثير من الآثار، التي نعلم بوجودها دون معرفة مكانها بالضبط ، مثل قصر كليوباترا، الذي بدأ يشك العلماء بصحة وجوده، بعد البحث عنه مرارا دون جدوى. ولعل أكثر الدول التي تحوي آثارا قديمة هي مصر، فما نراه على سطح الأرض، لا يتعدى نسبة 40% مما يحويه باطن الأرض.
فيما يلي نذكر أهم وأشهر المواقع الأثرية، والتي أصبحت مواقع جذب سياحية بامتياز:
1. البتراء: تحتل مكانة مرموقة في المعالم الأثرية القديمة، موقعها في الأردن ، اكتشفت عام 1812، بعد أن كانت مهجورة لحوالي 600 عاما.
2. أهرامات الجيزة في مصر: بنيت قبل 4500 سنة، هي ثلاثة أهرامات الأكبر هو خوفو والأوسط هو خفرع-الذي يقع أمامه تمثال أبو الهول الشهير- والأصغر هو منكاورع(منقرع).
3. الكولسيوم في روما: المدرج الضخم، الذي يرجع تاريخ بنائه إلى الإمبراطورية الرومانية. وذلك في القرن الأول بعد الميلاد، والتي كانت تحت حكم الإمبراطور "فلافيو فسبازيان" آنذاك.
4. تمثال الحرية: الذي أهداه الفرنسيون للشعب الأمريكي عام 1896. فأصبح من أشهر المعالم في الولايات المتحدة.
5. ماتشو بيتشو: مدينة شعب الأنكا القديمة، والتي تقع في البيرو في جبال هوبانا، يوجد بداخلها معبد القمر، فيه كهف كبير من الجرانيت الأبيض.
6. أكروبوليس: المعبد اليوناني الذي يحوي لوحات جدارية ضخمة، وزخارف وأعمدة عالية في بوابة بروبيلين ، بالإضافة إلى احتوائه على مسرح "أديون هيروديس أتيكوس". والذي يعود للفترة الإغريقية.
7. تاج محل: من أبرز المعالم التاريخية السياحية في الهند، هيكله مصنوع من الأحجار الكريمة المرصعة، شيده الملك "شاه جهان" الإمبراطور المغولي، وذلك تخليدا لذكرى زوجته الراحلة "ممتاز محل".
8. سور الصين العظيم: بني بين القرنين الرابع عشر و السابع عشر، من قبل عدد هائل من العمال. ليكون بمثابة خط الدفاع الأول عن الصين ضد الأعداء ، يصل طوله إلى 21 مليون و 196618 كيلومترا.
9. أنكور وات: هو عبارة عن مجمع معابد يقع في كمبوديا، شيده الملك "سرفارمان" الثاني، في بداية القرن الثامن عشر.
10. قصر الحمراء: يقع في غرناطة في إسبانيا، و يعتبر أحد أهم مخلفات الحضارة الإسلامية.
11. قلعة كورفين أو قلعة هونيدوارا: موجودة غرب رومانيا في ترانسلفانيا ، تمتاز بطابع معماري قوطي.
12. ستونهينج: يسمى بدائرة الأحجار، بسبب شكله الغريب. ولا يعرف العلماء سبب إنشائه حتى الآن، ولكن اقترحوا أنه كان موقعا لممارسة الطقوس الدينية، يوجد في المملكة المتحدة البريطانية، ويرجع لعصر ما قبل التاريخ.
لذا نستنتج، أن العديد من الآثار القديمة، والملقبة بعجائب الدنيا. سميت بذلك، لبراعة صنعها ولصعوبة تشييد ما يماثلها.
خلاصة القول، أنه لولا علم الآثار، لما وصلت البشرية إلى معرفة العصور القديمة، والعصور ما قبل التاريخ. فبعلم الآثار، نستطيع التأكد من صحة المرويات التاريخية. وإكتشاف حضارات أخرى لم يتم ذكرها في كتب التاريخ. وفك رموز لغات عديدة، مازالت منقوشة على الجدران. وحفريات تزودنا بمعلومات عن الأزمنة السحيقة.